محمية عُـتمة البرية

  • متابعات
  • نشر بتاريخ:22-10-2020
  • قراءات: 1469
حلم أخضر - تقرير
في الجزء الغربي من محافظة ذمار، وسط اليمن، توجد واحدة من أجمل المحميات الطبيعية في مناطق البيئة اليمنية الخلابة، والتي يطلق عليها اسم محمية “عُتمة” البرية، والتي تم الإعلان عنها محمية طبيعة العام 1999، وهي تعرف بأنها أول المحميات الطبيعية في اليمن.
وتظهر هذه المحمية بحسب الخريطة الجغرافية لليمن، على بعد 60 كم جنوب غرب مدينة ذمار بين خطي طول 44.5 درجة و 43.50 درجة، وخطي عرض 14.21 درجة و 14.35 درجة.

الموقع والمساحة:
تحتل محمية عتمة الطبيعية موقعاً جغرافياً يتوسط ثلاث محافظات يمنية: ذمار، ريمه، وإب، وتبعد عن العاصمة اليمنية صنعاء 155 كم جنوب غرب البلاد.
وتقع “عتمة” ضمن الامتداد الطبيعي لسلسلة جبال “السراة” التابعة لمحافظة ذمار، وتبعد قرابة 58 كيلومتر غرباً عن مدينة ذمار وسط البلاد، وحوالي 158 كيلومتر جنوب العاصمة صنعاء، وتبلغ مساحتها الإجمالية 460 كم مربع، وهي محمية مأهولة بالفلاحين، يسكنها حوالي 145.183 ألف نسمة – حسب التعداد السكاني لليمن العام 2004.
ويتوزعون في خمسة مخاليف كبيرة، التي ما تزال تحتفظ بتسمياتها الحميرية التاريخية: “مخلاف السمل، مخلاف رازح، مخلاف بني بحر، مخلاف حمير الوسط، ومخلاف سماه”.

وتضم هذه المخاليف 57 عزلة تربط المحمية بما حولها من المناطق والمدن، المتصلة بعدد من الطرق الإسفلتية، والمعبدة والتي تسهل عملية الوصول إليها حيث تتقاطع طريق ذمار الحسينية بطريق مدينة الشرق الدليل في عتمة لتقسم المديرية إلى أربعة أقسام حيث يقسم الطريق الأول مديرية عتمة بشكل طولي بينما يقسمها الآخر إلى قسمين.
وبالنسبة لحدودها، فتحدها من الشمال مديريتي “جبل الشرق” و”ضوران” التابعتين لمحافظة ذمار، ومن الجنوب مديريتي “وصاب العالي” في ذمار، ومنطقة “القفر” التابعة لمحافظة إب، أما من الشرق تحدها مديريتي “كسمة” و”السلفية” التابعتين لمحافظة ريمه.
وتمتاز هذه المحمية بتنوع الأشجار والجبال المكسوة بالحشائش، وبجمال تضاريسها، ولها موسم واحد في العام تعتمد فيه على الأمطار للزراعات المختلفة. كما يزرع فيها في منطقة “الطفن” أنواع الحبوب المختلفة وأشجار الفاكهة والخضروات فسكانها يعتمدون في هذا الموسم على تغذيتهم من خيرات ما تنتجه أراضيها.

التـنـوع الحـيـوي
تعد محمية عتمة من أهم المحميات الطبيعية المعلنة في اليمن، نظرا لما تتميز به من تنوع بيئي وحيوي أكسبها طبيعة خلابة ‏ومعالم سياحية فريدة تأسر القلوب، الأمر الذي أهلها لأن تصبح وجهة رئيسية للسياح الباحثين عن جمال الطبيعة، و‏خصوصا في فصلي الربيع والصيف.‏
وتتكون محمية عتمة “البرية”، من سلاسل جبلية يقل ارتفاعها كلما اتجهنا غرباً حيث تمثل امتداداً للمرتفعات الغربية المتجهة نحو المناطق السهلية الساحلية، والتي يتراوح ارتفاعها بين 920- 2800 متر عن مستوى سطح البحر.
وقد أكسبها هذا الموقع مناخاً متميزاً، يساعد على سقوط الأمطار في فصل الصيف، والتي تصل إلى حوالي 800 ملم في العام.
ويشكل الغطاء النباتي نسبة90% من إجمالي مساحة المحمية، حيث تحتل المدرجات الزراعية الجبلية حوالي 60% ‏منها، والباقي تغطيه الأحراش والغابات والمراعي الطبيعية والتي تمثل 30% وتشتهر المنطقة بطبيعتها الساحرة ‏واخضرارها الدائم طوال العام، واحتواء المراعي فيها والغابات والأحراش على أنواع من الأشجار والنباتات الطبية ‏والعطرية النادرة إضافة إلى بعض الحيوانات والطيور النادرة.‏
وقد دفعت عدد من العوامل الطبيعية والبيئية، الإنسان اليمني إلى استيطان هذه المحمية، منذ آلاف السنين، نظراً لما تتمتع به ‏من خصوبة التربة والإنتاجية العالية للمحاصيل الزراعية وجودة المراعي والغابات الكثيفة والمعدلات الجيدة لهطول الأمطار، ‏إضافة إلى العيون والغيول المائية التي تنتشر في عدد من أرجاء المنطقة.

عتمة في كتب التاريخ
تسمية عتمة مأخوذة من العتم بضم العين والتاء وتعني اسم نبات شجرة الزيتون البري، و”عتمة” في اللغة العربية تعني ظلمة الليل لذلك فاسم عتمة ارتبط بالظلمة، وبالزيتون البري، وهما صفتان من صفات منطقة عتمة. فالسحب البركانية وأشجار الزيتون البري، أكسبا عتمة صفة الظلمة.
ويذكر المؤرخ اليمني “عبدالله الحبشي” في تحقيقه لكتاب تاريخي يحمل عنوان “تاريخ وصاب .. الاعتبار في التواريخ والآثار” لمؤلفه وجيه الدين الوصابي، أنها سميت عتمة باسم شجرة كبيرة كانت فيها من شجرة العتم “الزيتون البري” وقد قطعت، وكان موضع قطعها موجودا قدر عشرة اذرع إلى حدود سنة 740 هجرية، فتسروا “قطموا” مقطعها بتراب البركة الخاصة بمدينة “سبن” المجاورة لعتمة، وقت حفرها.

وتعتبر عتمة أحد المسارح التاريخية التي دارت فيها أحداث هامة، في فترة ما قبل الإسلام، حيث أشار المؤلف “الهمداني” في كتابه “صفة جزيرة العرب”، إلى أن “عتمة” مخلاف واسع خصب التراب عظيم المنتجات وقد الحقه بيحصب العلو، وذكر أيضا فيه “ورف”، وقال أنه “جبل فيه حروث ومزارع قرى مندثرة ويسمى اليوم المقرانة وهي من ضمن خلاف عتمة، وفي ورف آثار حميرية”.
وفي العصر الإسلامي اشار “عبدالرحمن بن الديبع” في كتابه “قرة العيون بأخبار اليمن الميمون”، إلى ملوك عتمة بنو العتمي الحميرييون الشراجون ملوك وصاب الذين أزال ملكهم الصليحيون في سنة 455 هجرية، وفي عصر الدولة الرسولية تسلم المنصور حصن سماه سنة 641 هجرية”.

قلاع وحصون
وتوجد في أرجاء محمية “عتمة” حتى اليوم، العديد من المعالم التاريخية والأثرية، وفي مقدمتها القلاع مثل “قلعة ابزار، قلعة سماه، قلعة بني أسد، قلعة السيد، قلعة ضورة”، أما الحصون مثل: (حصن حيدر، حصن الذاهبي، حصن خطفة، حصن المصنعة) الى جانب 19 حصناً آخراً في المحمية، والتي تمثل شواهد تاريخية حية تؤكد ارتباط منطقة عتمة بالحضارات اليمنية القديمة.

طبيعة متنوعة
الى جانب جبالها الشاهقة ومدرجاتها الزراعية ومراعيها، تمتاز محمية عتمة بوجود الغابات ‏الكثيرة والوديان المنتشرة في معظم أجزاء المنطقة، ولاسيما منحدرات الجبال حيث مصبات السيول الأمطار وشلالات الينابيع ‏والغيول المائية المتدفقة على مدار العام والتي تشكل روافد أساسية لوادي رماع من الشمال والشمال الشرقي ووادي زبيد ‏من الغرب والجنوب الغربي.‏
كما تمتاز بوجود الحمامات الطبيعية، الغنية بمياه العيون الكبريتية، ومنها حمام “مقفد”، وحمام “السبلة”، ولا تقتصر ميزة عتمة على الغطاء النباتي، فقد تشير دراسات وأبحاث جيولوجية ‏أجرتها فرق هيئة المساحة الجيولوجية اليمنية، إلى وجود مؤشرات وجود المعادن في جبال المحمية، أبرزها الذهب والفضة والحديد، وتحديدا في ‏جبل “العَمل”.
المصدر:موقع حلم أخضر
------------------